سيناريو وإخراج: Anders – Rockwell – Rodriguez – Tarantino
بطولة: Antonio Banderas – Salma Hayek – Madonna – Valeria Golino – Marisa Tomei – Tim Roth
«Four Rooms» فيلم كوميدي متمرّد، يحمل توقيع أربعة مخرجين، كل مخرج منه يأخذ على عاتقه تقديم مقطع، وحكاية، وغرفة مستقلة، تتّصل كلها عبر شخصية الموظف الليلي تيد (تيم روث) الذي يخوض أول يوم عمل له بفندق مشؤوم على أرض هوليود. تبدأ رحلة تيد بالغرفة الأولى The Missing Ingredient، حيث يقع تحت سطوة ساحرات يحاولن استعادة عنصر مفقود ضمن طقوس سحرية، ثم تنتقل المغامرة إلى الغرفة الثانية The Wrong Man، حيث يدخل تيد بالغلط على مشهد غريب، يجد نفسه مهددًا من قبل رجل مهووس يشك في خيانة زوجته، ثم الغرفة الثالثة The Misbehavers، حيث يُصبح مربية لأطفال مشاغبين تحت وصاية والد عصبي على شفا الجنون، قبل أن يصل أخيرًا إلى المحطة الرابعة، The Man from Hollywood، التي تشكّل ذروة الفيلم، وتكتب توقيع كوينتن تارانتينو على العمل بكل تفاصيله، مظهرًا سحر الحوار، سخرية الموقف، وحرفية مخرج يرى الحدث قبل الحوار، والكادر قبل الحدث.

الغرفة الرابعة، التي كتبها وأخرجها تارانتينو، تقدم مزيجًا من السخرية، الجرأة، ولعبة الاحتمالات. يدخل تيد محملًا بالطلب، ليجد نفسه محاطًا بمجموعة سكارى على رأسهم مخرج متهوّر (يلعب دوره تارانتينو بنفسه)، وممثل متهوّر، وصديق مهدد بقطع أصبعه كرهان على تحدّ تافه. ينقلب المشهد إلى رقصة من الحوار المحكم، حيث يلعب تيم روث دور الموظف المتوتر بأسلوب مميّز، يحاكي به مزيجًا من التوتر، السخرية، والسذاجة، مما يجعله عنصرًا محوريًا للحكاية، بينما يحاكي مظهر تارانتينو وأداؤه مزيجًا من الهزل، الذكاء، والسخرية اللاذعة، حيث تتلاحم العدسة بالكلمة، وتكتب مشهدًا يخترق الذاكرة.
ليس الحوار لدى تارانتينو عنصرًا عابرًا، بل المحرّك الأساسي قبل كل شيء. يأخذ الحوار مساحة طويلة على الشاشة، ويبني علاقة عاطفية مع الشخصيات قبل أن يأخذنا إلى ذروة الحدث، مما يجعل كل كلمة سلاحًا على مَر الدقائق. المحادثات مفعمة بالسخرية، الحب، والنقاشات العبثية التي تكتب مزيجًا من الجد والهزل، الحب والكراهية، التمهّل والتسارع، مُمهدًا الطريق لذروة مشهد لن تنساه الذاكرة بسهولة. يعتمد تارانتينو على التصوير بأسلوب يشبع تفاصيل المكان، وحجم اللقطات الواسعة التي تلتقط تفاصيل الديكور، إلى جانب لقطات قريبة على ملامح الشخصيات، محوّلًا الحدث البسيط إلى مادة سردية محكمة، حيث يتم عرض الحدث من عدة زوايا، محوّلًا التحدّي على طاولة صغيرة إلى مشهد يحمل سحرًا من التوتر، السخرية، والسوداوية، مظهرًا العدالة، الحب، والانتقام على وقع المحرّك، والكلمة، وضرب القلب على الطريق.
«Four Rooms» هو فيلم يحمل توقيع أربعة مخرجين، لكن تبقى الحكاية الأخيرة، The Man from Hollywood، محطّتها الأكثر تأثيرًا وحضورًا. تارانتينو يأخذ المشهد، يحكم على الحب، على الانتقام، على السلاح، على الحديد، على الحوار، ثم يلقيها على الشاشة بكل قوة، ليترك أثرًا على القلب قبل العين. الحوار، الموسيقى، التصوير، وضرب المحرّك كلها تكتب شهادة على مخرج يرى الطريق فيلمًا، والسيارة سلاحًا، والمشاهد شريكًا على المقعد الأمامي. شخصيًا، عدت لمشاهدته عدة مرات، وفي كل مرة أشعر بنفس الدهشة، بنفس الحب للشخصيات، بنفس التوتر قبل الاصطدام، وبنفس الحماس قبل مشهد المواجهة النهائية، لأخرج منه موقنًا بأن Four Rooms درس حي على سحر الحوار، قوة العدسة، وحرفية مخرج يرى الفن كحلبة للقتال، وحلبة للحب على مَر العصور.


أضف تعليق