يعد كوينتين تارانتينو أحد أبرز المخرجين في السينما المعاصرة، معروفًا بحبه العميق للأفلام الكلاسيكية ومهارته في دمج الإشارات والتكريمات لها في أعماله. وفي فيلمه The Hateful Eight (2015)، الذي يُصنّف كفيلم ويسترن قاسٍ تدور أحداثه في كوخ معزول وسط عاصفة ثلجية في وايومنغ ما بعد الحرب الأهلية الأمريكية، يمزج تارانتينو بين عناصر أفلام الويسترن التقليدية والإثارة النفسية المغلقة المكان، مستلهمًا من مجموعة متنوعة من الأفلام والمسلسلات التلفزيونية الكلاسيكية.

وبمناسبة احتفال فيلم The Hateful Eight بعيده العاشر في 25 ديسمبر، نستعرض الأفلام والعروض التي ألهمت تارانتينو في صياغة هذه الملحمة:
- Rio Bravo (1959)
يُعتبر هذا الفيلم من إخراج هوارد هوكس وبطولة جون واين الفيلم المفضل لدى تارانتينو. رغم اختلاف النبرة – حيث يركز Rio Bravo على التعاون ضد عدو خارجي، بينما يغلب على The Hateful Eight الشك المتبادل بين الشخصيات – إلا أنه شكّل تأثيرًا جانبيًا هامًا في بناء أجواء الانتظار والتوتر. - Bonanza (1959–1973)
هذا المسلسل الويسترن الشهير لم يقتصر تأثيره على مظهر الشخصيات في أعمال تارانتينو السابقة، بل امتد إلى فكرة The Hateful Eight الأساسية. فقد ركز تارانتينو على شخصيات الضيوف الشريرة التي تظهر في حلقات المسلسل – مثل تلك التي أداها تشارلز برونسون أو فيك مورو – والتي تكشف دوافعها تدريجيًا، متسائلًا: “ماذا لو كانت القصة بأكملها مكونة من مثل هؤلاء الشخصيات فقط، دون أبطال صالحين؟” - The High Chaparral (1967–1971)
مسلسل ويسترن آخر من إبداع نفس مبدع Bonanza، كان مفضلًا لتارانتينو في طفولته، وساهم في تعزيز الإلهام التلفزيوني للفيلم من خلال أجوائه العائلية والصراعات الداخلية. - The Virginian (1962–1971)
أضاف هذا المسلسل الطويل إلى قائمة الإلهامات فكرة “السيطرة على المكان”، حيث كانت حلقات عديدة تدور حول وصول أشرار إلى مزرعة وفرض سيطرتهم عليها، مما يخلق موقفًا شبيهًا بـ”الرهائن”، وهو عنصر أساسي في بنية The Hateful Eight. - Reservoir Dogs (1992)
لم يقتصر الإلهام على الأعمال الكلاسيكية فقط، بل عاد تارانتينو إلى فيلمه الأول الشهير. يشترك الفيلمان في فكرة مجموعة من الشخصيات المشبوهة المحاصرة في مكان واحد، مع غياب الثقة المتبادلة، مما جعل The Hateful Eight يُرى كدائرة مغلقة في مسيرة المخرج. - The Thing (1982)
فيلم الرعب القطبي لجون كاربنتر، الذي عرض تارانتينو نسخة منه على طاقم تمثيله ليستعدوا للتصوير في الثلج. كما استُخدمت في التسجيل الصوتي لـThe Hateful Eight مقطوعات موسيقية غير مستخدمة ألفها إنيو موريكوني أصلًا لهذا الفيلم. - The Magnificent Seven (1960)
يُعدّ العنوان نفسه إشارة مباشرة إلى هذا الفيلم الكلاسيكي (المقتبس بدوره من Seven Samurai لأكيرا كوروساوا)، وإن كانت شخصيات تارانتينو الثمانية أنانية وخائنة تمامًا، بعكس الأبطال النبلاء في الأصل. - It’s A Mad, Mad, Mad, Mad World (1963)
رغم كونه كوميديا ملحمية، إلا أن الارتباط التقني كان قويًا: صُور الفيلم بنفس عدسات 70 مم التي استُخدمت في هذه الكوميديا الكلاسيكية، مما منح The Hateful Eight طابعه البصري الواسع.
من خلال هذه المصادر المتنوعة – من أفلام الويسترن التلفزيونية الطويلة إلى أفلام الإثارة المغلقة والرعب الثلجي – نجح تارانتينو في خلق عمل فريد يجمع بين التراث السينمائي والرؤية الشخصية، محتفلًا بالكلاسيكيات بطريقته الجريئة والمميزة.


أضف تعليق