فيلم The Aviator (2004) من أبرز أعمال مارتن سكورسيزي، ويظل حتى اليوم مصدر إعجاب دائم لاكتشاف تفاصيله الدقيقة. ومن أكثر اللقطات غموضاً وتأثيراً تلك الإدراج الخاطف لصورة أشعة سينية تكشف هيكلاً عظمياً لـ هوارد هيوز أثناء شهادته أمام لجنة تحقيق الكونغرس.
تأتي هذه اللقطة في ذروة الفيلم، حين يكون هيوز في أضعف حالاته النفسية، محاصراً باضطرابه الوسواسي القهري، ومضطراً لمغادرة غرفته المعقمة ليواجه عالماً مليئاً بالجراثيم والكاميرات والأضواء المتفجرة. القاعة نفسها تحولت إلى غرفة ضغط .
فجأة، بين وميض الكاميرات، يقطع سكورسيزي إلى صورة الأشعة السينية: لا بدلة فاخرة، لا ثروة، لا طائرات… مجرد هيكل عظمي هشّ يرتجف تحت الضوء. لقطة لا تتجاوز ثانية واحدة، لكنها تخلّع اللحم والمال والسلطة، وتكشف الإنسان العاري المفكك من الداخل، الذي يحارب عدواً مجهرياً لا يُرى: الجراثيم والجنون معاً.

بهذه اللقطة، يلخص سكورسيزي جوهر قصة هوارد هيوز: عبقري تعذّبه عبقريته نفسها، يبني إمبراطوريات في السماء، لكنه في النهاية مجرد كيس من العظام والأعصاب يمكن لفيروس صغير أو فكرة واحدة مهووسة أن تهدمه. لقطة تبدو كأنها اقتباس من فيلم رعب، لكنها في الحقيقة أعمق تعبير بصري عن الضعف الإنساني داخل عباءة العظمة.


أضف تعليق