أصغر فرهادي، المخرج والكاتب السينمائي الإيراني البارز، يُعدّ واحدًا من أبرز الأصوات في السينما العالمية المعاصرة. ولد في 7 مايو 1972 في مدينة همايون شهر بمحافظة أصفهان في إيران، وأصبح رمزًا للسينما الإيرانية التي تجمع بين الواقعية النفسية والتأملات الأخلاقية العميقة. يتميز أسلوبه بقدرته على كشف تعقيدات العلاقات البشرية والصراعات الاجتماعية من خلال قصص تبدو بسيطة للوهلة الأولى، لكنها تحمل طبقات معقدة من المعاني. حاز فرهادي على جائزتي أوسكار لأفضل فيلم أجنبي، مما جعله أول مخرج إيراني يفوز بهذه الجائزة في فئتها التنافسية، وأدرج في قائمة “تايم 100” لأكثر الشخصيات تأثيرًا في العالم عام 2012. في هذا الموضوع الشامل، سنستعرض سيرته الذاتية، مسيرته السينمائية، جوائزه، حياته الشخصية، وأعماله الحديثة حتى عام 2025.
السيرة الذاتية المبكرة والتعليم

ولد أصغر فرهادي في أسرة متواضعة في إيران، وأظهر اهتمامًا مبكرًا بالفنون. في سن الخامسة عشرة، انضم إلى فرع أصفهان لجمعية السينما الشبابية الإيرانية عام 1987، حيث بدأ في إنتاج أفلام قصيرة باستخدام أفلام 8 مم و16 مم. كان هذا النشاط البداية لمسيرته الفنية، حيث تعلم أساسيات السينما والإخراج. تخرج فرهادي من جامعة طهران بحصوله على درجة البكالوريوس في الفنون الدرامية، ثم حصل على درجة الماجستير في الإخراج المسرحي من جامعة تربية المعلمين (جامعة طربيات مدرس). خلال دراسته، كتب مسرحيات وسيناريوهات للإذاعة والتلفزيون الإيراني (IRIB)، مما شحذ مهاراته في الكتابة والسرد.
بدأ فرهادي مسيرته المهنية بإخراج مسلسلات تلفزيونية مثل “حكاية مدينة”، وشارك في كتابة سيناريو فيلم “الارتفاعات المنخفضة” للمخرج إبراهيم حاتميكيا. هذه التجارب المبكرة ساعدته في فهم ديناميكيات الإنتاج السينمائي في إيران، حيث يواجه الفنانون تحديات الرقابة والقيود الاجتماعية.
المسيرة السينمائية

بدأ فرهادي إخراج الأفلام الروائية الطويلة عام 2003، وسرعان ما أصبحت أعماله تحظى بإعجاب النقاد والجمهور على المستويين المحلي والدولي. يركز أسلوبه على الدراما النفسية، مستلهمًا من الواقع الاجتماعي الإيراني، مع التركيز على قضايا مثل الكذب، الصدق، المسؤولية، والأحكام الأخلاقية. إليك استعراضًا لأبرز أفلامه:
- رقص في الغبار (Raghs dar ghobar – 2003): فيلمه الأول، يروي قصة شاب أذربيجاني يواجه صعوبات مالية بعد طلاقه بسبب شائعات عن عائلة زوجته. يبرز الفيلم صراع الفرد مع المجتمع، وحاز على ترشيحات في مهرجانات دولية. كان هذا العمل انطلاقة واعدة، لكنه يعاني من بعض البطء في الإيقاع.
- المدينة الجميلة (Shahr-e ziba – 2004): يتناول قصة شاب يواجه حكم الإعدام في السجن، ومحاولات صديقه لإقناع أسرة الضحية بالعفو. يناقش الفيلم قضايا العدالة والرحمة، وحاز على الجائزة الكبرى في مهرجان وارسو السينمائي. يُعدّ خطوة متقدمة في مسيرة فرهادي، مع أداء تمثيلي قوي.
- أربعاء الألعاب النارية (Chaharshanbe-soori – 2006): يدور في يوم واحد قبل رأس السنة الفارسية، حيث تكشف خادمة عن توترات زوجية في عائلة من الطبقة الوسطى. الفيلم يمزج الغموض بالدراما، وحاز على جائزة هوغو الذهبية في مهرجان شيكاغو. يبرز براعة فرهادي في بناء التوتر عبر الحوارات الواقعية.
- عن إيلي (About Elly – 2009): يروي قصة مجموعة أصدقاء في رحلة تتحول إلى كارثة بعد اختفاء إحدى الشخصيات. حاز على دب فضي لأفضل مخرج في مهرجان برلين، ويُعدّ تحفة في كشف الصراعات الأخلاقية.
- انفصال (A Separation – 2011): قصة زوجين يواجهان انفصالًا مع تعقيدات عائلية، حاز على دب ذهبي في برلين، وجائزة أوسكار لأفضل فيلم أجنبي، بالإضافة إلى ترشيح لأفضل سيناريو أصلي.
- الماضي (Le passé – 2013): صُور في فرنسا، يتناول صراعات عائلية معقدة، تنافس على السعفة الذهبية في كان، وحاز على جائزة أفضل ممثلة لبيرينيس بيجو.
- البائع (The Salesman – 2016): قصة زوجين يواجهان اعتداءً، حاز على جائزة أفضل سيناريو وأفضل ممثل في كان، وأوسكار ثانٍ لأفضل فيلم أجنبي.
- الجميع يعلم (Everybody Knows – 2018): صُور في إسبانيا مع بينيلوبي كروز وخافيير بارديم، يمزج الغموض بالدراما العائلية، وتنافس في كان.
- بطل (A Hero – 2021): يتناول قصة رجل يعيد حقيبة ذهبية، مما يثير جدلًا اجتماعيًا، حاز على الجائزة الكبرى في كان.
في عام 2025، أُعلن عن فيلمه الجديد “Parallel Tales”، الذي سيتم تصويره في باريس في خريف 2025، مع ممثلين مثل إيزابيل هوبيرت، فيرجيني إفيرا، فينسنت كاسيل، بيير نيني، وآدم بيسا. من المتوقع إصداره في فرنسا في ربيع 2026، ويُعدّ عودة فرهادي إلى التصوير في فرنسا بعد “الماضي”.
الجوائز

حاز فرهادي على جوائز عديدة، أبرزها جائزتا أوسكار لأفضل فيلم دولي عن “انفصال” (2012) و”البائع” (2017). كما فاز بدب ذهبي في برلين عن “انفصال”، وجائزة غولدن غلوب لأفضل فيلم أجنبي مرتين. في كان، حاز على جوائز مثل أفضل سيناريو عن “البائع” والجائزة الكبرى عن “بطل”. عام 2012، منحته فرنسا وسام الشرف (ليجيون دونور)، وأدرج في قائمة “تايم 100”.
السينما الايرانيه بأفلامها العديده والتي قدمت دراما رائعة وصلت ذروتها بما يخص الجوائز خصوصا الاوسكار التي حققتها مرتين فقط من خلال أصغر فرهادي.
أصغر فرهادي ليس مجرد مخرج، بل فيلسوف سينمائي يستكشف جوهر الإنسانية. أفلامه تتحدى المشاهد للتفكير في الحقيقة والأخلاق، وتجاوزت الحدود الثقافية لتصبح عالمية. مع مشروعه الجديد “Parallel Tales”، يستمر فرهادي في تعزيز مكانته كواحد من أعظم المخرجين المعاصرين. يُوصى بمشاهدة أعماله لفهم عمق السينما الإيرانية وتأثيرها العالمي.
وأخيرا هذه قائمة مراجعات بقلمي لأفلامه التسعة :



أضف تعليق