نشأة السينما: من الابتكار التقني إلى الفن الروائي (1890-1930)

تُعد السينما واحدة من أبرز الاختراعات الثقافية في التاريخ الحديث، حيث بدأت كتجربة تقنية بسيطة في أواخر القرن التاسع عشر وتطورت إلى صناعة فنية عالمية بحلول الثلاثينيات من القرن العشرين. نشأت السينما من جهود علماء ومخترعين سعوا لالتقاط الحركة وإعادة عرضها، مستلهمين من تقنيات قديمة مثل الظلال المتحركة والفوانيس السحرية. في هذا الموضوع، سنستعرض كيف بدأت السينما، وكيف ساهم المخرجون في تطويرها من أوائل عام 1900 حتى 1930، مع التركيز على الابتكارات التقنية والسردية خلال العصر الصامت.

بدأت السينما بشكلها الحديث في أواخر القرن التاسع عشر، مع تطور تقنيات التصوير المتحرك. في عام 1878، أجرى المصور البريطاني إدوارد مويبريدج تجارب في التصوير المتسلسل للحركة، مثل سلسلة صور “الحصان في الحركة”، التي أظهرت كيفية تحرك الحيوانات. لكن الاختراع الحقيقي جاء مع الأخوين الفرنسيين أوغست ولويس لوميير، اللذين اخترعا جهاز “السينماتوغراف” في عام 1895. هذا الجهاز كان متعدد الوظائف: يصور، يطبع، ويعرض الصور المتحركة. في 28 ديسمبر 1895، أجرا أول عرض سينمائي عام في باريس، عرضوا فيه 10 أفلام قصيرة، مثل “خروج عمال مصنع لوميير” و”وصول القطار إلى المحطة”، التي كانت مجرد تسجيلات وثائقية بسيطة مدتها أقل من دقيقة، بدون سرد قصصي أو تمثيل.

في الوقت نفسه، ساهم توماس إديسون في الولايات المتحدة باختراع “الكينيتوغراف” (كاميرا) و”الكينيتوسكوب” (جهاز عرض فردي) في عام 1893، لكن هذه الأجهزة كانت محدودة للاستخدام الفردي، مما جعل عروض لوميير أكثر تأثيرًا في جعل السينما وسيلة ترفيه جماعي. بحلول عام 1900، انتشرت السينما عالميًا، مع تأسيس شركات إنتاج مثل “باتيه-فرير” في فرنسا، وأصبحت الأفلام أداة للترفيه الجماهيري، مع التركيز على “سينما الجذب” التي تعتمد على إثارة الدهشة بالحركة.

في الولايات المتحدة، ساهم إدوين بورتر في تطوير السرد من خلال فيلم “سرقة القطار العظيمة” (1903)، الذي استخدم لقطات متعددة ومواقع مختلفة لرواية قصة درامية، مما أسس لتقنيات التحرير (المونتاج). كما برزت أليس غاي، أول مخرجة امرأة، بفيلم “الجنية والملفوف” (1896)، الذي يُعد أقدم فيلم سردي. بحلول 1910، أصبحت الأفلام أطول وأكثر تعقيدًا، مع انتشار الاستوديوهات في هوليوود.

شهدت الفترة من 1910 إلى 1930 تطورًا هائلًا في السينما، خاصة في هوليوود، التي أصبحت مركز الصناعة العالمية بإنتاج حوالي 800 فيلم روائي سنويًا بحلول نهاية العشرينيات.ساهم المخرجون في تحويل السينما إلى فن درامي وكوميدي متكامل، مع ابتكارات في المونتاج، الإضاءة، والسرد.

تشارلي تشابلن: بدأ في 1914 مع استوديو كيستون، وطور شخصية “الصعلوك” في أفلام مثل “الطفل” (1921) و”الحمى الذهبية” (1925). جمع بين الكوميديا الجسدية والتعليق الاجتماعي، مما جعل أفلامه عالمية الشهرة.

باستر كيتون: اشتهر بأسلوبه الهادئ والحركي في أفلام مثل “الجنرال” (1926)، حيث أدخل خدعًا بصرية ومغامرات مذهلة.

ماك سينيت: مؤسس الكوميديا الصامتة، أنتج أفلامًا قصيرة مليئة بالفوضى مثل “شرطة كيستون” (1914).

سيرجي آيزنشتاين: في الاتحاد السوفيتي، طور مونتاج الجذب في “بارجة بوتيمكين” (1925)، لإثارة العواطف السياسية.

فريتز لانغ وإف. دبليو. مورناو: في ألمانيا، ساهما في السينما التعبيرية بأفلام مثل “ميتروبوليس” (1927) و”نوسفيراتو” (1922)، مع التركيز على الإضاءة الدرامية والرمزية.

شهدت هذه الفترة ابتكارات تقنية مثل إدخال اللون (كينيماكولور في 1914) والصوت المتزامن (فيلم “مغني الجاز” 1927)، الذي أنهى العصر الصامت تدريجيًا بحلول 1929.

من الأخوين لوميير إلى تشابلن وغريفيث، تحولت السينما من تجربة تقنية إلى صناعة تجارية وفنية عالمية، مع أكثر من 800 فيلم سنويًا في هوليوود. هذه التطورات وضعت أسس السرد السينمائي، المونتاج، والتأثيرات البصرية التي نراها اليوم. بحلول 1930، كانت السينما جاهزة لعصر الصوت، الذي غيرها إلى الأبد، وهذا باختصار شديد كيف نشأة السينما والافلام أي ان الموضوع فقط رؤوس اقلام للبدايات الأولى للافلام والسينما.

أضف تعليق