Office Space – 1999

Office Space – 1999

عندما تتحوّل حياة المكتب إلى كابوس هزلي

“من الخارج، قد تبدو الوظائف المكتبية آمنة ومستقرة، لكن مايك جادج يكشف لنا الحقيقة القاتمة: الروتين يقتل الروح، والبؤس يلبس ربطة عنق.”

في قلب شركة تقنية تدعى Initech، يعيش الموظف بيتر غيبونز أيامه في ملل قاتل، محاطاً بجدران رمادية، وشاشات قديمة، ومهام لا نهاية لها. لكن ما يثقل كاهله حقاً ليس العمل، بل بيئة الشركات البيروقراطية التي يمثلها مديره المستفز بيل لامبرغ، الذي يتحدث بجفاف وكأنه روبوت بلا مشاعر.

عندما تقرر الشركة استقدام استشاريين لتقليص عدد الموظفين، يتوقع الجميع الإقالة. لكن المفارقة الساخرة أن بيتر، الذي بدأ يتصرف بلا مبالاة كاملة بعد جلسة تنويم مغناطيسي فاشلة، يُكافأ على “صدقه” وترتفع أسهمه في عيون الإدارة. في المقابل، يُفصل أصدقاؤه المخلصون مايكل وسمير، رغم كفاءتهم كمبرمجين.

هنا تبدأ الحبكة الساخرة. بيتر، بدافع من الغضب والاستهزاء بالنظام، يقترح على أصدقائه خطة انتقام ذكية: زرع فيروس في نظام الشركة يقوم بتحويل أجزاء من السنتات – أو ما يُعرف بـ”الفكة الرقمية” – إلى حساب سري. خطة تبدو عبقرية على الورق، لكن تداعياتها تأتي بغير المتوقع.

البيروقراطية قاتلة… والضحك دواء

الفيلم ينجح في تقديم كوميديا سوداء لاذعة تمزج بين السخرية من بيئة العمل والحنين إلى التمرد. أسلوب مايك جادج لا يعتمد على النكت السريعة أو المبالغة، بل على رسم مشاهد مألوفة لأي موظف، مع تكبير عدسة السخرية بشكل ذكي.

المثير أن الفيلم لم يحقق نجاحًا جماهيريًا عند صدوره، بل اعتُبر من الأعمال التي لم يُقدّرها الزمن إلا لاحقاً، وتحول تدريجياً إلى عمل عبادة Cult Classic يُردد مشاهده وجُمله حتى اليوم. خصوصًا شخصية لامبرغ، التي أصبحت رمزًا عالميًا للمدير المزعج عديم الإحساس.

مايك جادج… من أنيميشن إلى عبقرية سينمائية

الفيلم مقتبس من سلسلة رسوم متحركة قصيرة تحمل نفس الاسم، أخرجها “جادج” عام 1991، مدتها دقيقة ونصف فقط، لكنه وسّعها هنا إلى دراما مكتبية خفيفة تجمع الذكاء والسخرية. “جادج” لاحقًا سيصنع أعمالاً أخرى شهيرة مثل Idiocracy وSilicon Valley، لكنه هنا وضع حجر الأساس لأسلوبه الساخر من المجتمع المعاصر.

أضف تعليق